You are currently viewing التعليم بالواقع الافتراضي ومستقبل التعلم المنتظر في العصر الحديث

التعليم بالواقع الافتراضي ومستقبل التعلم المنتظر في العصر الحديث

مؤخراً في ظل التحولات الرقمية السريعة فى جميع المجالات التي يشهدها العالم ، أصبح من الضروري مواكبة التعليم لهذا التطور بنفس الوتيرة ، حيث لم تعد الطرق التقليدية في التدريس كافية لتلبية جميع احتياجات الجيل الجديد الذي منذ نشأته محاط ببيئة تكنولوجية من هواتف وأجهزة لوحية ولابتوب ويتفاعل معها بشكل يومي ، وهنا كانت ضرورة تطبيق طرق حديثة تساعد الطلاب على الاستيعاب أكثر مثل تقنية التعليم بالواقع الافتراضي أو Virtual Reality ، وهو ليس مجرد أداة تكنولوجية فحسب ولكن تعتبر بوابة بداخلها عالم جديد من نظم التعلم القائم على التفاعل والتجربة الكاملة التى تصل لمراكز الفهم والاستيعاب داخل ذهن المتعلم ، مما يعزز تحصيله للمعلومات وعدم نسيانها بسهولة .. في هذا المقال، سوف نتعمق في تفاصيل تقنيات التعليم بالواقع الافتراضى ومدى تأثيرها ، وأهميتها، واستخدامها ، وكيف يمكن أن تحدث تغييرًا جذريًا في شكل العملية التعليمية.

 

ما هي تقنية الواقع الافتراضي

مفهوم الواقع الافتراضي بشكل مبسط هو عبارة عن تقنية حديثة تسمح للمستخدم الدخول في عالم رقمية ثلاثية الأبعاد تُحاكي الواقع أو تبتكر بيئة كاملة جديدة ، حيث يتم الوصول إلى تلك البيئات عبر استخدام بعض الأجهزة المخصصة مثل خوذات و نظارات الواقع الافتراضي، حيث يرى المستخدم هذه البيئة الافتراضية وكأنه جزء منها، ويتفاعل معها بالكلام والحركة لتكون التجربة حسية تفاعلية ، وعلى سبيل المثال، بدلاً من أن يقرأ الطالب عن الصعود للفضاء وزيارة القمر ، يمكنه ارتداء نظارة VR ليُشاهد بنفسه الأجواء الواقعية بأبعادها الثلاثية، ويتنقل فوق سطح القمر ويرى الكواكب بعينه ويعيش تجربة مثيرة ومميزة تساعده على الاحتفاظ بالمعلومات الهامة التى يصعب نسيانها بتلك الطريقة .

طرق التعليم الحديثة

أهمية تطبيق تقنيات الواقع الافتراضي في العملية التعليمة

تقنيات الواقع الافتراضي تساعد بشكل دائم على توفير استراتيجيات تعلم جديدة لإعادة تشكيل طريقة تقديم المعلومة التقليدية للطلاب ، ففي عالمنا الحديث المليء ب الانشغالات والمشتتات تكون الطرق التقليدية غير قادرة على جذب انتباه واهتمام المتعلم بالشكل المطلوب ، وهنا يأتي دور الواقع الافتراضي لتقديم تجربة تعليمية مثرية و مثيرة ، ومن أبرز الأسباب التي تجعل من الواقع الافتراضي اختيار مثالي في التعليم :

أولًا: بيئة آمنة للتعلم وخالية من المخاطر

في بعض المجالات المختلفة مثل الهندسة أو الطب ، يمكن الاستعانة بتقنيات الواقع الافتراضى لتدريب الطلاب على مواقف قد تكون خطيرة بدون التعرض لأي ضرر حقيقي من خلال محاكاة الواقع ، وهو ما يوفر بيئة آمنة للتجربة والتعلم.

ثانيًا: تحسين معدلات الانتباه والتركيز

عند تطبيق استراتيجية التعليم بالواقع الافتراضى تساعد تلك البيئات الافتراضية الغامرة الطالب أن يكون فى حالة تركيز واهتمام عالية، حيث يشعر وكأنه داخل القصة أو التجربة فعلياً ، وهو ما يجعل لامجال للتشتت أو الملل .

ثالثًا: التعلم من خلال التجربة العملية

بطبيعة العقل البشري أنه يتعلم بشكل أفضل عندما يتفاعل بعيدا عن طرق الإلقاء التقليدية أو حتى من خلال القراءة أو الاستماع ، فـ الواقع الافتراضي يساعد الطالب على توفير بيئة يمكن أن يعيش بداخلها المفهوم العلمي أو التاريخي، مما يعزز من عمليات الفهم والتركيز .

رابعًا: عدم التقيد بأى حواجز زمنية أو مكانية

من خلال الواقع الافتراضى يمكن للطالب السفر إلى القمر، أو دخول جسم الإنسان، أو العودة إلى الزمن الكلاسيكي ، دون التحرك خطوة واحدة من مكانه داخل المؤسسة التعليمية .

 

استخدامات الواقع الافتراضي المختلفة في المؤسسات التعليمية

تتعدد تطبيقات الواقع الافتراضي حيث انها تغطي جميع المراحل التعليمية والتخصصات المختلفة ، و من أهم تلك الاستخدامات:

1. مجال الطب

يتم الاستعانة بتقنيات الواقع الافتراضي لتدريب طلبة الطب على إجراء العمليات الجراحية ، والتعامل مع الحالات الطارئة، والكشف وتشخيص الأمراض ، وذلك عبر بيئات تخيلية تحاكي الواقع داخل غرف العمليات أو عيادات المرضى، وهوما يساعدهم بشكل عملي ومميز لمواجهة الواقع.

2. مجال العلوم

طلاب العلوم وبالأخص في دروس الأحياء يمكنهم استكشاف أعضاء الجسم البشري بشكل ثلاثي الأبعاد، أو من خلال مشاهدة التفاعلات الكيميائية التى تحدث فعلياً أمامهم، أو فهم مفاهيم فيزيائية معقدة مثل قانون الجاذبية والمجالات المغناطيسية بطريقة بصرية مثيرة مميزة .

3. مجالات الجغرافيا والتاريخ

طلاب المجالات الأدبية يمكنهم على سبيل المثال زيارة سور الصين العظيم أو جبال الهيمالايا أو الأهرامات ، والتجول في شوارع العصور القديمة والتفاعل مع الشخصيات التاريخية، وهو ما يجعل من مادة التاريخ متعة خاصة لامجال للتشتت أو الملل فيها .

4. تعلم اللغات

من خلال تطبيق تقنية التعليم بالواقع الافتراضى وعمل المحاكاة للمواقف الحقيقية مثل السفر، التسوق على سبيل المثال والتحدث والاستماع مع أشخاص من بلد أجنبي يمكن للطلاب ممارسة اللغة في بيئة طبيعية دون الشعور بالإحراج أو التوتر وتعلم اللغات بشكل عملى.

5. التدريبات المهنية

يتم استخدام تقنيات الواقع الافتراضي في تدريب الطيارين، رجال الإطفاء، مهندسي النفط، وعمال المصانع المختلفة ، حيث يوفر تجارب عملية تدريبية واقعية بدون الحاجة لاستخدام معدات حقيقية أو التواجد في مواقع خطيرة دون تجربة حقيقية مسبقة .

 

مميزات استخدام الواقع الافتراضي في التعليم

ما أكثر المميزات الناتجة عن تطبيق تقنية الواقع الافتراضي داخل المؤسسات التعليمية وتحقيق الاستفادة القصوى للطلاب حتى فى المواد الغير مرغوب فيها والصعبة في استيعابها ، ومن أهمها :

  1. تخصيص التعلم من خلال تصميم التجربة حسب مستويات الطلبة وقدراتهم، واهتماماتهم.
  2. تحسين معدلات الاحتفاظ بالمعلومة للمتعلمين من خلال التجربة الحسية المباشرة التي تساعد على تثبيت المعلومات في الذاكرة الطويلة ومراكز الفهم المباشرة داخل الذهن .
  3. زيادة التفاعل بشكل أكبر مع المحتوى حيث أن الطالب لا يكون مجرد متلقي سلبي فحسب ، بل يكون مشاركًا في سريان العملية التعليمية.
  4. تحفيز فضول المتعلمين والرغبة المستمرة فى الاكتشاف من خلال الدخول فى البيئات الافتراضية التى تساعد على التشجيع على طرح الأسئلة والاستفسارات .
  5. تقييم الأداء أسهل لأن بعض أنظمة الواقع الافتراضي تسجل تفاعل الطالب مع تقدم تقارير تحليلية مفصلة ومفيدة للمعلم للتسهيل عليه .

الواقع الافتراضي

التحديات الخاصة بتطبيق استخدام الواقع الافتراضي في مؤسسات التعليم

بالرغم من المميزات الكبيرة، إلا أن الواقع الافتراضي يواجه عدة صعوبات قد تعيق انتشاره بجميع المؤسسات التعليمية بشكل كامل ، ومنها :

1. التكاليف الباهظة

أجهزة الواقع الافتراضي من الخوذة والنظارات الذكية ، والبرمجيات المخصصة وتحديثاتها المستمرة تحتاج الى مصروفات كبيرة ، وهو ما يجعل من الصعب تعميمها داخل جميع المؤسسات التعليمية، وبالأخص الدول ذات الميزانيات المحدودة والمتوسطة حول العالم .

2. . تدريب المعلمين

تدريب المعلمين حتى يتم استخدام التقنية بكفاءة يعد عقبة فى حد ذاتها ، نظراً لتمسك بعضهم بالأساليب التقليدية وصعوبة التخلى عنها وتعلم التكنولوجيا الدراسية  والتعامل مع الأعطال التقنية، وتكييف المناهج لتتناسب مع بيئة الواقع الافتراضي ، لذلك يفضل الاستعانة بمهندسين متخصصين في التدريب لتحقيق الاستفادة الكاملة من التقنية .

3. عدم اكتمال المحتويات التعليمية

بالرغم وجود العديد من التطبيقات الرائعة والمثمرة ، إلا أن المحتوى التعليمي المتكامل لا يزال في طور التطوير حتى اللحظة ، وخاصة المحتويات الموجه للغة العربية على سبيل المثال وليس الحصر .

4. احتمالية حدوث مشاكل صحية

بسبب كثرة الاعتماد على التقنية قد يعاني بعض المستخدمين من دوار بسبب الارهاق البصري، أو عدم ارتياح بعد استخدام نظارات الواقع الافتراضي لفترات طويلة بشكل مستمر ، وهو ما يتطلب استخدام التقنية بحذر وفي أوقات محددة فقط وليس طوال اليوم الدراسى .

 

توقعات مستقبل التعليم باستخدام تقنية الواقع الافتراضي

مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا فى جميع المجالات ومنها مجال التعليم ، من الطبيعى زيادة توقعات الاعتماد على تقنية التعليم بالواقع الافتراضى بشكل ملحوظ ، وخصوصا عند توفيرها بأسعار مخفضة بشكل أكبر عن التكاليف الحالية ، ومن المتوقع خلال السنوات القادمة:

  • دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الواقع الافتراضي لتقديم تجارب تعليمية أكثر تطور لجميع الطلبة .
  • انتشار الاستعانة بالفصول الافتراضية بالكامل، حيث يلتقي الطلاب من مختلف دول العالم داخل بيئة ثلاثية الأبعاد تفاعلية عالية التقنية .
  • حتمية توفير محتوى تعليمي للغة العربية مميز يخدم الطلاب في العالم العربي بشكل مباشر.
  • العمل على تطوير الأجهزة المستخدمة لتكون بحجم أصغر ، وأرخص، وأسهل في الاستخدام، لتسهيل استخدام الواقع الافتراضي داخل كل مؤسسة تعليمية أو حتى المنازل .

 

فى النهاية

يعد التعليم بالواقع الافتراضي لم يعد حلمًا مستقبليًا فى الوقت الحالى ، بل أصبح واقع طال انتظاره وبدأ يأخذ مكانه تدريجيًا في المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات ومراكز الكورسات ، وبالرغم من التحديات التي تواجه تطبيق تلك التقنية ، فإن فوائده الكبيرة تجعله بديل حتمى لا غنى عنه إذا أردنا بناء جيل قادر على مواكبة العصر الحديث ، ونحن فى الترا فيجين نمتلك فريق عمل مميز لتأسيس تقنيات العمل بالواقع الافتراضي داخل المؤسسات التعليمية من خلال مهندسين متخصصين لتحقيق أقصى استفادة تكنولوجية للطلاب والمنظومة التعليمية .